د . محمد أبو زيد الفقي :
نشر في جريدة ( اللواء الإسلامي ) عدد الأربعاء 10مايو 2017م :
مشروع القانون المقدم من العضو محمد أبو حامد إلي مجلس النواب بخصوص إعادة تنظيم الأزهر ، هو حلقة في سلسلة التآمر علي الإسلام ، و إضعاف قوة الممانعة في العالم الإسلامي ، و لقد أصابني الحزن ، و أصابتني الدهشة حين قرأت اعتراض بعض الشيوخ علي هذا القانون ، فكلهم يدافعون عن شيخ الأزهر ، و مكانته ، وهذا مقبول باعتبار ما نتمتع به من جذور فرعونية ، وتقديس للأشخاص منذ آلاف السنين ، و لكن الخطر ليس في هذا الجزء من القانون ، لأن شيخ الأزهر يمثل فترة من فترات إدارة الأزهر ، و ستنتهي هذه الفترة و سبحان من له الدوام ، أما الخطورة الحقيقية فهي فيما جاء في نهاية مشروع القانون من وقف بناء المعاهد الأزهرية لمدة (15 ) عام ، و تحويل بعض المعاهد إلي التربية و التعليم ، و هذه أمنية لكل أعداء الإسلام في الماضي ، و الحاضر ، و بيان ذلك كما يلي :
1 – في عام 1989م صدرت توصية من السوق الأوربية المشتركة بإلغاء التعليم المزدوج في مصر بحلول عام 2007م ، وبعد قراءتي لهذه التوصية أوقفت كل حياتي علي بناء المعاهد الأزهرية في كل مكان ، و ساعدني في ذلك أحد رجال الأعمال بأمواله ، و من ناحية أخرى استشعر المهندس / صلاح عطية خطورة هذا الأمر فأوقف حياته علي بناء المعاهد ، و طاف كل مدن و قرى مصر لجمع التبرعات لإقامة المعاهد ، و كان هو أول المتبرعين ، و ظل يفعل ذلك حتى توفاه الله سبحانه و تعالى ، و كنت أحضر معه كثيرا من هذه اللقاءات بجانب عملي في بناء المعاهد وجمع المساعدات للمعاهد الأخرى ، و بدأنا و في مصر( 70 ) سبعون معهدا ، ووصل العدد الآن إلي ما يقرب من عشرة آلاف معهد تقوم بخدمة التعليم و الحفاظ على الدين و اللغة العربية ، و تعليم الأولاد و البنات العفاف والطهارة ، و ليس فيها ما نسمعه من اغتصاب وتحرش كما يحدث في أماكن تعليمية أخرى ، وفي النهاية هي تسد الفجوة الموجودة في التعليم في مصر بين عدد الذين لهم حق التعليم ، و عدد المدارس الخاصة بذلك .
و إذا كانت هناك مشاكل في التعليم الأزهري أو في المناهج الأزهرية فيمكن حلها بتغيير القيادات المتخلفة الذين لا يعيشون العصر الحاضر ، و لا يخرجون من الكهف ، بل و يتمنون خراب الأزهر طالما تمتعوا هم بالمناصب ، والعطايا ، و الهبات فهناك آلاف المعاهد لا تعمل ، وموقوفة بسبب فكر نجعاوي متخلف ، و أحيانا يشعر المرء بأن بعض القيادات في الأزهر لا تحب الأزهر أكثر من مقدم مشروع تخريب الأزهر و القضاء عليه ، ولا يعفي الحاكم من مسئولية تغيير هذه القيادات الجاهلة المتخلفة لأن الأزهر أمن عالمي للإسلام ، و أمن قومي لمصر .
2 – في عام 2005 م و أثناء وجود الرئيس مبارك في ألمانيا للعلاج حدثت ضغوط كبيرة من الخارج علي مصر لوقف بناء المعاهد الأزهرية ، وتحويل بعضها إلي التربية و التعليم و إيقاف بناء المساجد ، و بالفعل اجتمع رئيس الوزراء و قتها د . عاطف عبيد بمجلس المحافظين ،وتم أخذ قرار يمنع بناء المعاهد ،وتحويل بعضها للتربية و التعليم ، ووقف بناء المساجد ، و تم إعلان القرار في الصحف ، و إيصاله للجهات المعنية ، و توقف كل شيء , و عند عودة الرئيس مبارك من رحلة العلاج كان أول سؤال له : ماذا فعلتم في موضوع بناء المعاهد ؟ فقالوا له كل ما حدث .
فقال : يلغى هذا القرار ، و ييسر الأمر لكل من يريد بناء معهد أو مسجد ، و قال لهم : إن أخطر نقطة على الأمن القومي المصري هي الأزهر ، والأزهر هو صمام الأمان لوجود مصر و تبوئها مكانتها في العالم ، و كان موقفا وطنيا شجاعا ليس غريبا علي رجل تربي في مدرسة الوطنية المصرية ، و هي القوات المسلحة .
3 – إذا أتخذ قرار بعدم بناء المعاهد الأزهرية في مجلس النواب ، ووافق عليه بعض المغيبين عقليا و وطنيا و سياسيا فسيكون هذا القرار هو نهاية الدولة المصرية في العصر الحديث :
أ ) أمنيا :ـ الدولة الآن تخوض معركة مع الإرهاب و الإرهابيون لا يجدون شرعية لصراعهم مع الدولة بسبب حفاظها علي الأزهر ، و الدين الإسلامي
ب ) الدولة تسمح ببناء الكنائس في المناطق التي تحتاج لذلك ولا حرج علي الدولة في ذلك أن تُيسر أماكن العبادة لكل من يريد إقامة شعائر دينية ، بل يجب عليها فعل ذلك .
جـ ) إذا سُمح ببناء الكنائس و تم منع المعاهد الأزهرية سواء عن طريق ” محمد أبو حامد ” و مشروعه العبثي ، أو عن طريق بعض المسئولين في الأزهر ، إذا حدث ذلك فسوف يجتمع الإرهابيون ، و التكفيريون ، و المتشددون من جميع أنحاء العالم للقيام بأعمال إرهابية في مصر و حجتهم أنها تبني الكنائس و تمنع المعاهد الأزهرية ، و سندخل بعد ذلك في ليل لا نهار له ، و ستنتهي دولتنا و حضارتنا بسبب هذا القرار الأرعن الغبي .
و في النهاية أنا أثق في السيد المشير عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية وفي ذكائه و وطنيته و حبه لمصر ، و هو رجل متدين قبل كل ذلك ، و لذلك أهيب بسيادته أن يمنع ذلك العبث الصبياني ، و يضرب هذه الأيد الخفية التي تستحق بترها ، قبل أن يأتي الطوفان .